ما بين اليوم والغد، دمٌ مسفوك وثأرٌ آتٍ

نور نيوز-ساره المصري
ينتعش الصدام حينما تنعدم المعايير الأخلاقية والإنسانية، هل الجرح الفلسطيني غير مشمول في قوانين العالم الغربي؟، ألم يسع العالم الغربي على مدار سنين لسن قوانين ومواثيق دولية وإنسانية، وعلى أساسها يريد منا أن نعمل؟، لكن ما موقع المُحتل الغاصب الصهيوني من هذا كُله؟، ما يحدث اليوم يثبت لنا تماماً أن المواقف تحدد على أرضية بعيدة عن الأخلاقيات والقيم، نعلم أن لكل حرب حدود أخلاقية لا يجب تجاوزها ولا حتى المساس بها، لكن ابن العالم المُدلل يرينا جميعاً تجاوزاته، خروقاته وانهزامه حتى، فبينما يشيح العالم بصره عن كل الدم الفلسطيني المسفوك في الأرض الفلسطينية يعمل المُحتل في دجى الليل ووضح النهار على إرسال طائراته وصواريخه الأمريكية، فيقتل الأبرياء نياماً ومتيقظين، دون مواجهة مباشرة ضرب عشوائي ظانين به تسديد أهداف، فقاعدة الجبناء ألا ينظروا في عيون ضحاياهم، ثم يبلغ مقر قيادته: أصبت الهدف بدقة دون المساس بالمدنيين فنحن الجيش الأكثر أخلاقاً في العالم، صورة يضعها لنفسه، ويسعى لتوطيدها في نفوس العالم أجمع، جيشهم الأعظم، الذي لا يقهر، الأكثر أخلاقية في العالم، وفقاً لاعتقادهم وما جبلت عليه ذواتهم، لكن ما تظهره الحقيقة عكس ذلك.
الحلول تأتي بوضع الإصبع على الجرح أي معالجة الأسباب بمعنى اقتلاع هذا الغاصب من أرض فلسطين وأي حل آخر هو بمثابة إطالة لعمر هذا الاحتلال، وجولات أخرى من الحروب دون حل جذري للقضية، ففي هذه الحرب ماذا حقق المُحتل غير القتل؟، هل انتزع الأرض أم زاد تشبثنا بها؟ بشكل متواصل يشن حرب تلو الأخرى، يقصف، يهدم ويريق الدماء، محاولات لإثبات جدارته أمام سيده الأمريكي واستحقاقه لكل هذا الدعم المقدم له، يظن أنه يسحب الأرض من تحت أقدام أصحابها، لكنه وهو لا يدري يعمق صمود الشعب المجروح، لنا خير جزاء عند ربنا كل من قتل نال الشهادة، وعادت الروح إلى مالكها لا خوف عليها، أما هم ينتقلون إلى عوالم أخرى من العذاب والخوف، الموت يلاحقهم أينما وجدوا، هذا جزاء فعلهم.
وهنا على هذه الأرض تتجذر المقاومة يوماً بعد يوم، للإيمان العميق بانعدام جدوى الدعم الغربي والعربي حتى، دماء الكرام وقود للثوار، و وهمجية القتل تعني استمرارية الثأر، والآن عليهم الخوف حقاً، فكل الذين سقطوا آباء، أمهات وعائلات بأكملها لم يكونوا سوى أسنان الحرب اللبنية التي ينبت خلفها أسنان أخرى ممتصة كُل كالسيوم الكراهية لتثبت في لثة الثأر كضرس دائم، لن تهزم قضية خلفها أمهات ينجبن، ويفقدن من أجل الوطن، صفعة على وجوه الصهاينة، سيل المقاومة لن يتوقف أبداً، هذه فلسطين غضب باطن أرضها كظاهرها، وعلى أرضها يموت الغرباء، هذه فلسطين عروساً مهرها الدم، لم يبخل شهداءها بدمائهم مرة، ولم يترددوا في أن يسكبوها على ثرى معشوقتهم لحظة، فأي قوة في العالم تستطيع أن توقف مسيرة شعب يرنو نحو الخلاص والاستقلال؟