مقالات مختارة

لغة الجمال.. لغتي!‎

نور نيوز –

يسرا الحيداوي

لغة تميَّزت عن باقي اللغات، وسُميت لغة الضاد، ولو لم يكن حرف الضاد موجوداً في لغتنا فكيف سنميز بين دار بمعنى سكن وضار بمعنى مؤذٍ؟ حرف الضاد أضفى على لغتنا كمالاً، جعلها تتمتع بمعانٍ جديدة تفتقر إليها باقي اللغات في العالم، ولهذا سُميت لغة الضاد؛ حيث إنها تنفرد بهذا الحرف بين جميع اللغات، الذي يصعب نطقه من غير الألسن العربية.

اللغة أداة التواصل بين الشعوب، واللغة العربية أو العملة الأدبية، كما وصفها البعض، من أهم اللغات السامية التي عرفت منذ قديم الأزل، وقبل نزول القرآن الكريم، وقد اصطفاها الله -تعالى- على كل اللغات عندما جعلها لغة القرآن الكريم.

ولا شك أن للغة العربية مميزات تبين أصولها وقوة ثباتها ومظاهر الجمال فيها، ومن ميزاتها:

القِدم: فاللغة العربية قديمة بل سحيقة القدم، فقدمها لم يكن أرضياً بل سماوياً ارتبط بالقرآن الكريم، الذي كان مكتوباً في الأزل.

لغة الجمال: جمالها سبى عقول أهلها، فحملوها في أرواحهم وقلوبهم، قبل أن يحملوها بألسنتهم وأقلامهم، فهي جميلة مرسومة ومنظورة وجميلة، وهي منطوقة مسموعة.

لغة القداسة: لغة مقدسة؛ بل لغة فائقة القداسة، وهي قداسة سماوية مباركة وأرضية مكرمة، فقداستها السماوية انبعثت من كونها لغة الوحي والتنزيل، فهي لغة الأنبياء والمرسلين، أما قداستها الأرضية فهي انعكاس لقداستها السماوية، فانبعثت من كونها لغة الحضارة العربية في الدين والأدب والفن والعلم…

لغة الخلود: خلودها سرمدي مبدع؛ لكونه بدأ في الأزل ويجري في الآن، ويصب في الأبد، لغة كتاب الله، فلا بد أن تكون خالدة محمية من الله حماية كتابه، قال تعالى: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”.

وللأسف الشديد مع كل هذه الأهمية العظيمة للعناية باللغة، وفضلها على ما سواها، فما زالت ظاهرة إهمال اللغة العربية مستمرة؛ فتبدأ هذه الظاهرة في احتلال اللغات الأجنبية العقولَ قبل الألسن، فأصبحت متداولة في المدارس والشارع وحتى في البيوت.

منا مَن اعتبرها لغة الإرهاب، ومنا مَن يخجل أن يتواصل أو يتكلم باللغة العربية معتبراً اللغة الأجنبية لغة المستقبل هي الثقافة والأناقة والبرستيج، بل ولغة الحصول على فرصة العمل!

أنا لست ضد الثقافة والانفتاح، لكني ضد احتلالها لعقولنا، واقتحامها لبيوتنا، فأخشى ما أخشاه أن نصبح غرباء عن لغتنا، ونصبح كالغراب الذي أراد أن يقلد الحمامة في مشيتها، فما استطاع أن يقلدها بل نسي أن يقلد مشيته.

يقول مدرس لغة نيوزيلندي: “إذا كبرت ولم تتكلم لغتك فلن تعرف من أنت”! ومن خير ما أختتم به نصيحة لي قِبلكم، أرجو أن نحافظ على لغتنا الأم؛ لأنها لغة القرآن أولاً، ولأنها لغة التميز والجمال.. لغة البهاء والكمال، اللغة الأبلغ تعبيراً والأبسط لفظاً والأجمل خطا ورسما، والحمد لله الذي جعله قرآناً عربياً بلسان عربي فصيح… أنيق وجميل… تكلموا بها، افتخروا فيها، أحبّوها، وأنقذوها فلغتنا الأجمل والأكمل!

مقالات ذات صلة