ستارلينك: حرب بجبهة أخرى – الإنترنت الفضائي
نور نيوز-سمر الصوالحي
تعد تكنولوجيا الإنترنت الفضائي واحدة من أبرز التطورات التكنولوجية اليوم، وقد أثارت اهتمام العديد من الشركات والمستثمرين في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومن بين هذه الشركات التي دخلت هذا السوق بقوة هي “ستارلينك”، والتي يمكن اعتبارها واحدة من أكبر اللاعبين في هذا المجال،كما تعتمد تكنولوجيا الإنترنت الفضائي على شبكة من الأقمار الصناعية الموجودة في مدارات حول الأرض، هذه الأقمار تعمل على توفير اتصال إنترنت فائق السرعة للمناطق البعيدة والنائية حيث لا تتوفر البنية التحتية للإنترنت السلكي التقليدي،يعتمد هذا النوع من التكنولوجيا على موجات الراديو والأقمار الصناعية التي تقوم بتوجيه الاتصالات بين المستخدمين على الأرض وقاعدة بيانات الإنترنت على الأقمار.
ما هي خدمة «ستارلينك – Starlink»؟
Starlink هو نظام كوكبة من الأقمار الصناعية، يهدف إلى توفير تغطية عالمية للإنترنت، ويعد هذا النظام مناسبًا بشكل مثالي للمناطق الريفية والمعزولة جغرافيًا إذ يكون الاتصال بالإنترنت غير موثوق به أو غير موجود كما تستخدم Starlink كوكبة من الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض (LEO) لتوفير خدمات الإنترنت عالية السرعة وتم إنشاء Starlink في عام 2015، وهو قسم ضمن شركة «SpaceX»
وبدأ المشروع في إطلاق الأقمار الصناعية إلى المدار في عام 2019 وتمتلك ستارلينك حتى عام 2023 ما يقارب 5000 قمر صناعي في المدار وهناك شركات عديدة اليوم في مجال تكنولوجيا الانترنت الفضائي ويشهد سوقها منافسة كبيرة مثل وان وبلو أوريجين والتي تعمل على تطوير تكنولوجيا مماثلة.
اليوم تكنولوجيا الإنترنت الفضائي الأكثر أهمية في العالم الحديث، وأصبحت عنصراً استراتيجياً أساسياً في العديد من الجوانب، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تعزيز دورها في الساحة الدولية و تضاعف أهميتها في الصراعات الدولية:
1. تسهم تكنولوجيا الإنترنت الفضائي في تمكين الدول والمنظمات من الوصول السريع إلى المعلومات وتبادل البيانات عبر العالم، وهذا يلعب دوراً بالغ الأهمية في التعامل مع الأزمات واتخاذ القرارات الحاسمة.
2. تزايد استخدام تكنولوجيا الإنترنت الفضائي يترتب عليه تعزيز الأمن السيبراني إذ هناك علاقة طردية بينهم، ولأنه يمكن استغلال هذه التكنولوجيا لتنفيذ هجمات سيبرانية أو التجسس على الأمن الوطني للدول.
3. يُمكن استخدام تكنولوجيا الإنترنت الفضائي في أغراض عسكرية مثل توفير اتصالات عسكرية آمنة ومراقبة الأوضاع ونقل البيانات بسرية.
4. السيطرة على الفضاء الخارجي والقدرة على إطلاق الأقمار الصناعية أصبحا جزءاً من المصالح الاستراتيجية للدول، مما يعكس سيادتها وتأثيرها على المستوى العالمي.
5. تزايد الاعتماد على تكنولوجيا الإنترنت الفضائي يشجع على تصاعد التنافس الاقتصادي بين الدول، حيث تسهم هذه التكنولوجيا في دعم الابتكار وتطوير الاقتصادات الوطنية.
وبهذه الطريقة، تظهر أهمية تكنولوجيا الإنترنت الفضائي في تحقيق تقدم استراتيجي واقتصادي بالغ الأهمية في الوقت الحالي،واليوم رغم ما يتعرض له العالم من صراعات أصبح الإنترنت الفضائي طريق الثورة على “الدكتاتورية الرقمية وللحد من انتشار المعلومات في الحروب والأزمات، وهذا ما لجأت له إسرائيل عند قطعها الإنترنت والاتصالات عن كامل قطاع غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023،.وللخروج من قبضة التحكم السلطوية الممارسة من بعض الحكومات، التي وصفتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بـ”الدكتاتورية الرقمية”، ينظر إلى “الإنترنت الفضائي” باعتباره أحد الحلول المثلى لتخطي مثل هذه الأزمات،وقد أسهم الإنترنت الفضائي في إلقاء الضوء على الحرب الروسية على أوكرانيا ومتابعة مجرياتها بعدما قطعت موسكو الإنترنت في عدة مناطق بأوكرانيا، إذ قدمت “شركة ستارلينك” خدمات الإنترنت للأوكرانيين.
كما أعلن إيلون ماسك، توفير الاتصالات عبر الإنترنت بالأقمار الاصطناعية لقطاع غزة، عبر خدمة ستارلينك بعد قطعها من قبل الجيش الإسرائيلي، وكتب عبر حسابه بمنصة «إكس» المملوكة له: «ستارلينك ستزود المنظمات الإغاثية العالمية المعترف بها في غزة بشبكة الاتصال».
في النهاية الفضاء الإلكتروني قد فرض نفسه كبُعد إستراتيجي جديد في الصراعات العالمية، على الرغم بما يتمتع به من خصائص عديدة. واليوم لابد من فهم وإدراك طبيعة الفضاء الإلكتروني واعتباره عنصر رئيسي في الأمن القومي، إذ أن له علاقة وطيدة بقضايا التنمية السياسية والإقتصادية والاجتماعية وضرورة إدماجه في العقيدة الأمنية للدولة ووضع إستراتيجية قادرة على التعامل مع التهديدات والهجمات التي يكون مصدرها الفضاء الإلكتروني.كما يمكن القول أن تكنولوجيا الإنترنت الفضائي قد أصبحت عنصرًا مهمًا في الصراعات الدولية وقد أثرت بشكل متزايد على الأمن والسياسة الدولية.
المدير العام لوكالة نور الإخبارية-سمر الصوالحي